المجلة الالكترونية للأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري : تحرر بالكامل بايدي الطلبة من مختلف الكليات - وتحت اشراف قسم الأخبار الإلكترونية

قصص قصيرةمقالات

سفير النوم

خرج مراد في الساعة الخامسة مساء من مقر عمله بعد انتهاءه من جميع المهمات الموكلة إليه بعد يوم طويل من التعب والإرهاق، استقل مراد سيارته متوجها إلى بيته،وفي غضون دقائق وصل إلى بيته، وقام بالاستحمام بعد يومه الطويل،وقامت والدته بتحضير الطعام له، وبعد الانتهاء من طعامه ذهب إلى غرفته واستلقى على سريره في تمام الساعة السابعة والنصف مساء، وفجاة بدأ بالبكاء الشديد الهستيري ثم نام .
مراد هو شاب ثلاثيني العمر، ذو شعر ناعم أسود وفيه بعض الشعيرات البيضاء، وذو بشرة بيضاء،ولديه ملامح وسيمة ولحية سوداء، تخرج من كلية التجارة من جامعة القاهرة،وفور تخرجه بدأ بالعمل في أحدى البنوك، ويعيش مع والدته وتوفي أبوه وهو صغير، وترك له أبوه بعض المال قبل أن يتركهم ،وتعتبر عائلته من العائلات المتوسطة ماديا.
استيقظ مراد على صوت منبه هاتفه اليومي في تمام الساعة السادسة صباحا، ولكنه يجد صعوبة دائما في الاستيقاظ، ويشعر بالإرهاق ويقاوم هذا الشعور ليجد قوت يومه، بدأ مراد بتحضير ملابسه ليرتديها سريعا،وعندما انتهى من ارتداء ملابسه نظر إلى المرآة وسأل نفسه نفس السؤال الذي يسأله لنفسه كل يوم، وبدأت الدموع بالنزول على خده، ولكنه تمالك نفسه عندما سمع صوت أمه تناديه للإفطار،وقام بمسح دموعه بيده وأخذ نفسا عميقا،وذهب لتناول إفطاره لكي لا يتأخر عن موعد عمله.
نزل مراد من بيته في تمام الساعة السابعة ونصف، وركب سيارته متوجها إلى عمله،ولسوء الحظ وجد الطريق مزدحما بسبب حادث شاحنة مع سيارة “ملاكي”، وبعد أن جاءت الشرطة وقامت بحل هذه الأزمة المرورية نظر مراد إلى ساعة يده ووجدها الساعة الثامنة،قام مراد بالقيادة مسرعا ليحاول أن يبرر سبب تأخيره لمديره ويقلل خسائره،وصل أخيرا إلى عمله في تمام الساعة الثامنة و عشرون دقيقة،وعند الدخول إلى الباب المخصص للعاملين للبنك تجد جهاز معلق على الحائط لتسجيل حضور الموظفين، وهو يسجل حضور كل موظف عبر بصمة إبهام الموظف، وقام مراد بوضع ابهامه على الجهاز وسجل حضوره، وتوجه مسرعا إلى مكتبه ليقوم بتحضير أوراق الحسابات، دخل أحد”السكرتارية” على مكتب مراد وقال:”أستاذ مراد عامل ايه”
مراد:”الحمد الله،انته عامل ايه يا محمد” محمد:”الحمدالله،الأستاذ علي المدير كان عايز حضرتك في مكتبه دلوقتي”
مراد:”طب قالك هو عايز ايه مني ولا لا”
محمد:”لا ما قلش حاجة يا فندم”
مراد:”طب روح انته يا محمد وأنا دقيقة وجي
بدأ مراد بالتوتر والتعرق، وحاول أن يتمالك أعصابه، وقام من على كرسي مكتبه، وأخذ بالتحرك نحو مكتب مديره، ولكن نبضات قلبه تتسارع شيئا فشيئا، وتبدأ يده بالارتعاش قليلا،ووصل إلى باب المكتب وقبل أن يدق بيده على الباب ليستأذن بالدخول أخذ نفسا عميقا، فعندما دق بيده على الباب سمع بصوت مديره يقول له أدخل،قال المدير:”أهلا أهلا يا بيه،ايه الأخرك انهاردة”.
مراد:”مكانش اصدي اتأخر انهاردة كان في زحمة وحشة أوي على الطريق”وقالها وهو متوتر ويتهته في الكلام.
المدير:”بجد والله؟!”
مراد:”أه والله يا فندم ده الحصل”
أخذ المدير بيده مطفأة السجائر التي أمامه على مكتبه وقام بضربها عدة مرات على سطح المكتب وبدأ بالقول:”هو أمته بقى هتيجي بدري الشغل زي البني آدمين هو مفيش فايدة فيك ولا ايه”وكان يقولها بصوت عالي للدرجة أن معظم الموظفين انصتوا لهذا الحوار،مراد:”ديه تلات مرة أتأخر فيها بس..”
المدير:”كل مرة تقول كده،يلا روح على مكتبك وديه أخر مرة تتأخر فيها ولو إتأخرت تاني وكررت الموضوع ده هيبقى ليا معاك إجراء مش هيعجبك”.
ور خروجه من عند المدير رأى أن الموظفين ينظرون إليه نظرات مستمرة، وذهب سريعا إلى الحمام، ووضع يده على حوض الماء، وفتح صنبور المياه،وأخذ بعض المياه في يده وقام بمسح وجهه، ونظر إلى نفسه في المرآة، وبدأ بالبكاء الشديد وقام بضرب رجله على الأرض عدة مرات وأخذ يبكي لمدة عشرة دقائق.
انهى مراد عمله في تمام الساعة الخامسة مساء كعادته، واستقل سيارته متوجها إلى بيته، وهو في الطريق سمع صوتا غريبا من سيارته، وكان الصوت محرك السيارة ولكنه غير الصوت المعتاد وكأنه فيه عطل، ووصل بعد عدة دقائق إلى بيته، وقرر أنه غدا سوف يستقل أي وسيلة مواصلات إلى أن يصلح سيارته،أخذ بتناول الطعام،وبعد انهاءه الطعام ذهب إلى غرفته وبدأ فجأة بالبكاء ونام.
مراد ذهب مع عائلته إلى البحر في الصيف،وأخذ بالنزول إلى البحر للسباحة، وفجأة لم يستطع تحريك يديه أو رجليه،وبدأ بالغرق، استيقظ مراد مفزوعا من نومه وهو يلتقط أنفاسه، وكانت الساعة الخامسة والنصف صباحا، ولكنه لم يكمل النوم وقرر أن يجهز لعمله،ونظر إلى نفسه في المرآة وبدأ بالبكاء
تناول فطوره، ونزل في غضون الساعة السابعة من بيته،ليستقل أي وسيلة موصلات تنقله إلى عمله،وبالفعل استقل أحد الموصلات العامة، ووصل إلى مقر عمله في تمام الساعة السابعة و الخامسة وخمسون دقيقة قبل الموعد بخمس دقائق، وذهب إلى مكتبه لإنهاء عمله؛ لأن المهمات الموكلة له اليوم كثيرة جدا، ويريد أن ينهيها سريعا، بدأ بالعمل وانهمك فيه إلى أن جاءت الساعة الثامنة مساء، وقال سوف أكمل الباقي غدا، خرج مراد من البنك، وتذكر أنه لم يأتي بسيارته اليوم، وأخذ يبحث عن أي وسيلة موصلات لنقله إلى بيته، وكانت الساعة العاشرة مساء،ولأن البنك يقع في منطقة غير هائلة بالسكان لا يوجد وسائل موصلات فيها في هذا الوقت، قرر مراد أن يذهب إلى بيته مشيا على الأقدام بعد انتظاره لمدة نصف ساعة، أخرج من حقيبته سماعة أذن، و بدأ بسماع بعض الموسيقى الهادئة، ونظر إلى ساعة يده ووجدها الساعة الحادية عشر والربع ،والشارع الذي يمشي فيه كان مظلما بعض الشيء، وسمع صوت أحد يطلب الإستغاثة من بعيد، ووجد رجلين يقومان بضرب هذا الرجل بلا رحمة، أراد مراد الذهاب و مساعدة الرجل، و بدأ بالتحرك بالفعل، ولكن كأن رجليه شلت فجأة ولم يستطع الحركة وبدأ بالارتجاف والتعرق،و ذهب بعيدا راكضا إلى بيته.
منذ خمسة سنين ذهب مراد وعائلته التي كانت تتكون من أخيه طارق وأمه إلى الإسكندرية في الصيف، ونزل مراد وأخيه البحر للاسمتاع والمرح و نسيان هموم الحياة، ويذهب طارق إلى داخل البحر للمغامرة قليلا، ولا يسمع كلام أخيه مراد بأن هذا خطير، وبعد قليل من دخول طارق البحر، وإبتعاده عن مكان مراد، نظر مراد ليرى طارق ولكنه اختفى وحاول البحث عنه ولم يجده،لقد غرق طارق ودفن تحت الأمواج،ومراد لام نفسه لسنين وسنين بأنه هو السبب، وأنه كان يستطيع أن يمنع غرق أخيه.
وصل مراد إلى بيته راكضا، وكانت أمه نائمة و دخل إلى الحمام وهو يبكي بكاء هستريا لم يستطع أن يوقف نفسه عنه، وفجأة توقف، وسأل نفسه السؤال الذي يسأله لنفسه دائما”هو أنا هفضل كده ضعيف لغايت أمتى ،هفضل دايما مكسور كده ،هو ليه مش عارف انسى بجد،أنا تعبت،أنا مش قادر،أكيد أنا مش ضعيف كده أنا لازم انسى لازم أغير من تريقت تفكيري الحصل ده كان قضاء وقدر كنت هعمل ايه مكانش في ايدي حاجة أعملها أنا لازم أتغير”.
نزل مراد من البيت مسرعا وكان معه عصا حديدية أخذها من بيته،وبدأ بالركض إلى أن وجد الرجل والرجلين الذين يقومان بضربه ، وقرر أن يبدأ صفحة جديدة مع نفسه وأن يقتل كل مخاوفه،وبالفعل أنقذ الرجل مؤقتا إلى أن جاءت الشرطة، ورجع إلى بيته ودخل إلى غرفته واستلقى على سريره ونام دون بكاء لأول مرة من خمس سنين.
Related posts
معلومات عامةمقالات

Book Review: A Good Girl’s Guide to Murder by Holly Jackson

تاريخ فنفنونمقالات

مسجد المرسي ابو العباس

معلومات عامةمقالات

Mastering Professional Legal Writing: Crafting Clear and Effective Laws and Documents

خواطردينيةمقالات

عيد الاضحى : تعرف على الفرق بين يوم النحر و يوم القر

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *