نظرة شاملة على كرة القدم المغربية
أنجح المنتخبات العربية و الأفريقية حاليا

تُعدُّ المملكة المغربية من الدول التي عرفت تطورًا لافتًا في كرة القدم، سواء على مستوى المنتخب الأول أو المنتخبات الأصغر، ويُعزى ذلك إلى عوامل عدة كثيرة مثل الانخراط في المباريات الرسمية و الاستثمار في البُنى التحتية والاهتمام بالتكوين الفني منذ الصغر
في الأعوام الأخيرة بدأت المؤسسات المغربية تضع تركيزًا كبيرًا على الفئات العمرية الصغيرة عبر أكاديميات مثل أكاديمية الملك محمد السادس التي تقع في مدينة الرباط المغربية والتي أصبحت مصنعًا لللاعبين المغاربة ذوي الإمكانيات العالية و الفريدة في المستوي و الأداء الفني


منتخب الناشئين المغربي
بالنسبة لمنتخب الناشئين فقد بدأ يظهر بانتظام في البطولات القارية ما يمنح اللاعبين الخبرة الدولية المبكرة
هذا المسار يُعدّ أحد أعمدة النجاح المغربي إذ إن تأهيل اللاعبين من الصغر وإشراكهم في المنافسات القوية يمنحهم ثقة وخبرة كبيرة و فعالة لكن التحدي يبقى في ربط هذا التطور بالمسيرة الاحترافية والانخراط في المنتخب الأول والحدّ من تسرب و هروب المواهب لتمثيل بلاد أخري أو افتقارها للفرص لخوض المباريات

منتخب الشباب و الانجاز التاريخي
في اكتوبر الحالي حقق منتخب الشباب المغربي تحت 20 عاما إنجازًا تاريخيًا عندما فاز ببطولة كأس العالم للشباب و ذلك عندما فاز علي منتخب الأرجنتين بهدفين مقابل لا شئ
هذا الفوز يعد أول لقب عالمي في هذه الفئة للمغرب ولأول مرة لفريق عربي أيضًا في هذا الحدث الكبير و هو كأس العالم للشباب
و حقق المنتخب هذا الانجاز بالفوز علي العديد من المنتخبات القوية خلال أطوار البطولة مثل الفوز علي منتخبات الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا و اسبانيا و البرازيل و كوريا الجنوبية و تعد هذه المنتخبات التي فاز عليها أسود الأطلس هي أعلي المنتخبات في البطولة من حيث جودة اللاعبين و الأداء الفني و البدني و لكن المنتخب المغربي تفوق عليهم جميعا


الفوز يؤكّد أن المسار التنموي في المغرب يُثمر على الأرض وقدرة المنتخبات الأصغر على المنافسة العالمية و هذا ان دل علي شيئ فيدل علي نجاح أكاديمية الملك محمد السادس التي قامت باعداد لاعبين مؤهلين جاهزين و قادرين علي خوض غمار أصعب و أشرس البطولات العالمية
وجود جيل شاب يتمتع بالمهارة و الانضباط والتوجيه الفني الجيد ما يُمكن أن يُشكّل قاعدة للمنتخب الأول في المستقبل
هذا النجاح يمكن أن يُشجّع الأندية والمراكز على الاستثمار أكثر في الشباب وتحسين المسارات بين الفئات العمرية والاحتراف

منتخب المحليين (لاعبي الدوري المغربي فقط )
هو المنتخب الأكثر نجاحا في القارة السمراء حيث فاز بلقب كأس أفريقيا لمنتخبات المحليين ( الشان ) ثلاث مرات و كانت أعوام 2018 و 2020 و 2024
تظهر هذه الانجازات و البطولات أهميّة الدوري المحلي في تأهيل اللاعبين وإعطاء الفرصة للمواهب التي ربما لم تُهاجر خارجيًا للاحتراف في الدوريات الكبري
يُعطي أيضًا دفعة للقيمة المحلية داخل المغرب ويُحفّز الأندية المحلية على الاهتمام بفئة اللاعبين الشباب
غالبًا ما يُلاحظ أن اللاعبين المميزين ينتقلون بسرعة خارج المغرب ما يُشكّل تحديًا في الحفاظ على مستوى الدوري وربطه بالمنتخب الأول بشكل مباشر

المنتخب الأول المغربي والأداء العظيم في كأس العالم قطر 2022
قدّم المنتخب المغربي الأول أداءًا استثنائيًا خلال منافسات كاس العالم 2022 و الذي تمت اقامته بدولة قطر و وصل المنتخب المغربي لنصف النهائي من البطولة ليخسر حينها للأسف منتخب أسود الأطلس أمام الديوك الفرنسية و يذهب منتخب المغرب لمباراة تحديد المركز الثالث أمام كرواتيا و للأسف أيضا تعرض للخسارة و ضاعت فرصة تتويج المغرب بالميدالية البرونزية لكأس العالم لكرة القدم و لكن يعتبر هذا انجاز كبير حيث لم يصل أي منتخب عربي أو افريقي لتلك المكانة و هذا الدور في تاريخ مشاركة المنتخبات العربية و المنتخبات الافريقية في كأس العالم
تفوّق على منتخبات قوية من أوروبا و هي منتخبات البرتغال و اسبانيا و بلجيكا
أظهر المنتخب روحًا قتالية و تنظيمًا دفاعيًا صلبًا واستخدامًا ذكيًا للموارد والخبرة المُكتسبة المطلوبة
هذا المستوى الرفيع يُعدّ تتويجًا لمسار طويل من التطوير وإشارة إلى أن المغرب أصبح لاعبًا عالميًا مؤثرًا وليس مجرد مشاركة رمزية أو شرفية
المفتاح كان في الدمج بين الخبرة المحلية ولاعبي الشتات في أوروبا والاستفادة من تنظيم وإعداد فني جيد
هذا الأداء عزز صورة المغرب رياضيًا ودوليًا وفتح الأبواب للمزيد من الاستثمارات في البُنى التحتية الرياضية وجذب اهتمام و أنظار اللاعبين المغاربة في الخارج حيث يتوافد العديد منهم للانضمام للمنتخب
ما تشهده كرة القدم المغربية من تطور في كل الفئات العمرية و البُنى التحتية الرياضية و النتائج الدولية يدلّ على رؤية استراتيجية قوية و واضحة و ثابتة

ربط الشباب بالاحتراف واستمرارية هذا النهج و المسار سيؤدي الي استمرارية النجاح و حصد البطولات و الألقاب و المنافسة عليها بكل عزم و قوة و شراسة
ضمان الدور المحلي للأندية وأن يبقى الدوري المغربي مكانًا لإبراز المواهب وليس مجرد ممرّ للهجرة الي الدوريات الخارجية هو أحد أهم العوامل التي قامت بانجاح خطة التطوير المغربية
تطوير الجانب النفسي والإداري للمنتخبات حتى لا يُصبح الإنجاز حدثًا منفردًا و هذا ما تعمل عليه الأندية و الأكاديميات الرياضية في المغرب
تعميق الاستثمار في تكوين المدربين والفئات العمرية في كل ربوع المغرب و ليس فقط المدن الكبرى ساهم بشكل كبير في نجاحات المنتخبات المغربية بكافة أعمارها
تعزيز التنسيق بين الأندية و الأكاديميات الرياضية والمنتخبات الوطنية بحيث كانت انتقالات اللاعبين على غرار ( مسارات احترافية مخطط لها سابقا ) وليس مفاجأة ساعد كثيرا المنظومة الكروية في المغرب علي النجاح
الاستفادة من النجاحات العالمية كمحفّز وليس نهاية للطريق بمعنى أن يُحوّل الإنجاز إلى قاعدة تنموية دائمة النجاح و الانجازات
الحفاظ على هوية الكرة المغربية من حيث التقنية و الروح القتالية و الانضباط مع الاستفادة من العولمة في كرة القدم (اكتساب الخبرات الخارجية و إشراك لاعبي الشتات المغربي لتمثيل المغرب )
كتابة التقرير : محمد مجدي محمد
خريج كلية الهندسة و التكنولوجيا
قسم الهندسة و التكنولوجيا
دفعة الخريجين عام 2025

