تأثير السوشيال ميديا على الطلاب

الجيل الجديد بين الواقع الافتراضي والحياة الحقيقية
لم تعد الحياة كما كانت قبل عقدين من الزمان وقت بدايات الألفية الجديدة حيث كنا نعيش ببساطة وسلام نفسي ، فالأن أصبح الواقع الرقمي جزءاً لا يتجزأ من يومياتنا خاصة لدى الجيل الجديد من الطلاب والشباب
فالهاتف لم يعد وسيلة للإتصال فحسب بل أصبح نافذة تطل على عالم لا نهائي من المعلومات والتواصل والترفيه
إلا أن هذا الإنفتاح الهائل على تقنيات الواقع الإفتراضي ووسائل التواصل الإجتماعي أثار تساؤلات كثيرة حول مدى تأثيرها على الحياة الحقيقية للطلاب وسلوكهم الإجتماعي والنفسي ومدي إندماجهم في المجتمع وبين عائلاتهم

يعيش الجيل الحالي في حالة من التداخل بين الواقعين الحقيقي والإفتراضي بحيث يصعب أحيانًا التفريق بين ما هو حقيقي وما هو إفتراضي وغير حقيقي فالطالب اليوم قد يكون أكثر تفاعلاً على شبكات التواصل الإجتماعي من تفاعله داخل المدارس والسناتر والدروس التعليمية وحتي قاعة المحاضرات أو بين زملائه في الجامعة
وقد أصبحت لحظات حياته اليومية يتم توثيقها بعدسة الكاميرا قبل أن يعيشها فعلياً علي أرض الواقع وكأن قيمة التجربة أصبحت في عدد الإعجابات والمشاركات لا في عمقها الإنساني والتشاركي
وسائل التواصل الاجتماعي قامت بتقريب المسافات جغرافياً لكنها في الوقت نفسه قد صنعت فجوة عاطفية بين الأشخاص فالكثير من الطلاب باتوا يفضلون التفاعل عبر الشاشات بدل اللقاءات الواقعية مع زملائهم والمختصين بهم وقد أظهرت دراسات حديثة أن الإفراط في إستخدام هذه الوسائل قد يؤدي إلى ضعف مهارات التواصل اللفظي وتراجع القدرة على تكوين صداقات حقيقية قائمة على الثقة والتفاعل المباشر


من أبرز الآثار النفسية للسوشيال ميديا ظاهرة ( المقارنة الاجتماعية ) إذ يقارن الطالب نفسه بالآخرين من خلال الصور والمظاهر التي تُعرض على الإنترنت وما هي سوي مظاهر كاذبة فيشعر أحياناً بالنقص أو بعدم الرضا عن حياته
وتُظهر الأبحاث أن الإستخدام المفرط لتلك المنصات مرتبط بزيادة معدلات القلق والإكتئاب بين الشباب وذلك نتيجة البحث المستمر عن القبول الرقمي عبر عدد الإعجابات والمتابعين علي مختلف مواقع التواصل الإجتماعي
ورغم كل ما سبق لا يمكن تجاهل الجانب الإيجابي لوسائل التواصل الإجتماعي فهي تتيح للطلاب فرصاً للتعلم الذاتي وتبادل المعرفة والمشاركة في المبادرات المجتمعية والأنشطة التطوعية كما أنها تساعد على تطوير المهارات الرقمية والقدرة على التعبير عن الرأي والمواطنة الرقمية المسؤولة


التحدي الحقيقي إذاً لا يكمن في المنصات نفسها بل في طريقة إستخدامها ومدى وعي الأفراد بها
إن الحل لا يتمثل في الإنعزال عن الواقع الإفتراضي بل في تحقيق توازن ذكي بين العالمين الحقيقي والإفتراضي فيمكن للطالب أن يستفيد من الإنترنت كأداة للبحث والتطوير الذاتي والنفسي مع الحفاظ على تفاعله الإنساني الحقيقي داخل الأسرة والجامعة والمجتمع والأصدقاء فالحياة الحقيقية لا يتم قياسها بعدد المتابعين والإعجابات بل بعمق العلاقات وجودة الخبرات الحياتية

يبقى السؤال الأهم الأن هو هل نستخدم التكنولوجيا لخدمتنا أم نسمح لها بأن تتحكم بنا ؟
الأجيال القديمة تعرف خطورة وسائل التواصل الإجتماعي علي عكس الأجيال الجديدة التي قد يكون جزء كبير منها غير واعي ومُدرك لما قد تحمله وسائل التواصل الإجتماعي من مخاطر وسوء إستخدام وضياع كبير للوقت وزيادة معدلات الإصابة للرؤية وقد يكون هنالك ولو جزء بسيط من الجيل الجديد يمتلك وعياً ومعرفة تجعله قادراً على الإختيار الصحيح ويفصل بين ما هو حقيقي وما هو إفتراضي
والمستقبل سيكون للأشخاص الذين يستطيعون الجمع بين مهارة العيش بين العالم الحقيقي والعالم الإفتراضي والقدرة على الحفاظ على إنسانيتهم في هذا العالم المليئ بالإختلافات
كتابة : محمد مجدي محمد
خريج كلية الهندسة و التكنولوجيا
قسم الهندسة الميكانيكية دفعة 2025

