تُعد كرة القدم أكثر من مجرد لعبة؛ إنها ظاهرة عالمية تحمل في طياتها طاقة قادرة على التأثير في المجتمعات والشعوب، بل وتمتد أحيانًا لتسهم في تهدئة نزاعات وصراعات دامية. بفضل شعبيتها الهائلة، تمكنت كرة القدم من لعب أدوار مصيرية في وقف الحروب الأهلية وبث روح الأمل والتلاحم الوطني، كما سنستعرض في القصتين التاليتين:
بيليه وهدنة نيجيريا وبيافرا


في عام 1969، وبينما كانت الحرب الأهلية مستعرة في نيجيريا ضد الدولة الانفصالية بيافرا، زار أسطورة الكرة البرازيلية بيليه، مع فريقه الشهير سانتوس، العاصمة النيجيرية لاجوس للعب مباراة ودية. المدهش أن وصول بيليه كان كفيلاً بتوقيف القتال مؤقتًا، حيث تم عقد هدنة بين الطرفين لمدة 48 ساعة، تم خلالها فتح الجسر الفاصل بين المعسكرين لحضور المباراة، والتي جمعت جمهورًا بلغ 25 ألف متفرج من كلا الجانبين. هكذا، أوقفت كرة القدم رصاص الحرب مؤقتًا، وأعادت الإنسانية لمشهد غابت عنه لسنوات
دروغبا والسلام المؤقت في ساحل العاج
وفي مثال آخر لا يقل إلهامًا، لعب النجم الإيفواري ديدييه دروغبا دورًا بارزًا في محاولة توحيد بلاده التي كانت غارقة في حرب أهلية بين شمالها وجنوبها منذ عام 2002. وفي عام 2006، قرر المنتخب العاجي، بقيادة دروغبا، إقامة مباراة ضمن التصفيات ضد مدغشقر في مدينة بواكي، معقل المتمردين، بدلًا من العاصمة أبيدجان. لم يكن القرار سهلًا أو متوقعًا، لكنه حمل رسالة قوية
وقد تحولت المباراة إلى احتفال وطني فاز فيه المنتخب الإيفواري بخمسة أهداف مقابل لا شيء، وسجل دروغبا بنفسه الهدف الخامس. وتوقفت الاشتباكات عقب المباراة، وعمّ شعور مؤقت بالسلام والتقارب بين طرفي النزاع، قبل أن تعود التوترات مجددًا في عام 2011. لكن ذلك لم يمنع كرة القدم من إثبات قدرتها على منح الشعوب فرصة لالتقاط أنفاسها، وإحياء الأمل بوطن متوحد


تؤكد هذه القصص الواقعية أن كرة القدم يمكن أن تكون أداة سلام في زمن الحرب، ومنبرًا للوحدة في لحظات الانقسام. قد لا تكون هي الحل النهائي للنزاعات، لكنها تفتح نوافذ للأمل والتواصل الإنساني، وتذكرنا بأن ما يجمعنا كبشر قد يكون أقوى من كل ما يفرقنا.

Mohamed Magdy
college of Engineering mechanics department
Abou-Qir Branch
